في حوار مع البروفسور سعيد الصديقي: المغرب والامارات سيواصلان مسار توحيد الرؤى الإقليمية والدولية تعزيزا للقوى العربية

حاورته/ لطيفة نفيل

شهدت العلاقات المغربية الإماراتية نموذج علاقات راسخة بين دولتين عربيتين لهما وزن هام على الصعيد الدولي بما يدعونا لاستضافة خبير في العلاقات الدولية للحديث عن عمق وافاق هذه العلاقات والمشترك الذي يجمعها فكان في الموعد البروفسور سعيد الصديقي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس والذي اشتغل كباحث في العلاقات المغربية الإماراتية وقد كان لنا معه الحوار التالي:

سؤال: تعد العلاقات المغربية الاماراتية علاقة نوعية بالنظر للتطابق الواضح في عدد من المواقف الدولية بالنسبة للبلدين وأكيد أن لتطابق المواقف بين الدولتين أسباب تاريخية فهل تتفضل بروفسور بتقديم نبذة عن تاريخ العلاقات الاخوة والصداقة بين المغرب والامارات؟

جواب: تعود العلاقات المغربية الإماراتية إلى المراحل الأولى من تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في بداية السبيعنات من القرن الماضي، وكانت هناك علاقات شخصية قوية بين الملك الراحل الحسن الثاني والشيخ زايد آل النهيان مؤسس دولة الإمارات، وقد ساعد المغرب الدولة الفتية آنذاك في مجالات مهمة، وخاصة في الأمن بما تحظى به عناصر الشرطة والحراسة الخاصة المغربية من ثقة كبيرة لدى حكام دولة الإمارات. كما كانت دولة الإمارات من جانبها داعما مهما للمغرب في الجانب المالي والاقتصادي، وكانت دائما مساندا قويا لوحدته الترابية، وقد شاركت رسميا بوفد مهم في المسيرة الخضراء، كما استلهمت دولة الإمارات اسم عملتها من الدرهم المغربي،فقد كان التحالف بين المغرب ودولة الإمارات تاريخيا قويا، غير أن الفترة التي شهدت تقاربا أكبر كان ذلك نتيجة لنظرة واقعية وبراغماتية لدول عربية، فالعلاقة ما بين هذين البلدين الشقيقين في ماضيها وحاضرها وكذلك في مستقبلها ، يعود إلى كونها علاقة حميمية فهي أكبر من أن تكون مبنية بالأساس على اتفاقيات ثنائية أو الاعتماد على آليات للعمل من قبيل لجان مشتركة وغيرها . صحيح أن كل الإطارات القانونية المبرمة بين ابلدين تعتبر نموذجا لما ينبغي أن يكون عليه التعاون السليم ما بين الدول، لكن الذي يؤطر كل ذلك ويرعاه يعود إلى تلك العلاقة الحميمية في أبعادها الإنسانية التي أرسى قواعدها المؤسسون جلالة الملك المغفور الحسن الثاني وشقيقه المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لما كان لهما من حكمة وتبصر أسسا لمدرسة المبادئ الإنسانية التي غابت وتغيب عن العلاقات بين الدول.

 

 

وظلت هذه العلاقات قوية منذ ذلك الوقت، رغم بعض سوء الفهم الذي حدث خلال السنوات الأخيرة لكن سرعان ما عادت هذه العلاقات المغربية الإماراتية إلى وضعها الطبيعي،متجاوزة بذلك المصالح المادية المتبادلة، لتستند على ركيزة ثابتة من العلاقات الشخصية بين المؤسسة الملكية بالمغرب وحكام الإمارات التي تعطي لهذه العلاقات ضمانة مهمة.

إجمالا، العلاقة بين البلدين وبين القائدينمشبعة بالقيم الروحية والإنسانية على اعتبار أن المغرب والإمارات يجمعهما مصير مشترك فما يسعد المغرب فهو كذلك يسعد الإمارات وما يضر واحدا منهما فهو يضر الاخر.

سؤال: معلوم أن دولة الامارات العربية المتحدة اتخذت خطوة سباقة على مستوى العالم العربي بحيث عبرت عن مواقفها الواضحة والمؤيدة لمقترح الحكم الذاتي بالاقاليم الجنوبية للمملكة المغربية وهو ما تمخض عنه فتح الامارات لقنصلية لها بالعيون، كيف تفسرون ذلك بروفسور؟

جواب: موقف الإمارات من الحكم الذاتي هو فرع من موقفها المبدئي من الوحدة الترابية المغربية، وبالتالي فإن دعم الإمارات لمبادرة الحكم يختلف عن مواقف بعض الدول لاسيما الغربية التي تشيد بالحكم الذاتي، لأن دولة الإمارات تعترف صراحة بمغربية الصحراء، لذلك فإن دعمها لمبادرة الحكم هو أحد مظاهر المساندة الإماراتية الدائمة للجهود المغربية فيما يتعلق بقضية الوطنية، لذلك كانت دولة الأمارات من الدول الأولى التي فتحت قنصليتها في الإقليم الصحراوية، وتشارك في الأقاليم الصحراوية بأنشطة ثقافية واقتصادية واجتماعية منذ سنوات انطلاقا من إيمانها المبدئي بأن الصحراء جزء لا يجتزء من التراب المغربي.

فقد شكل افتتاح دولة الإمارات العربية المتحدة، قنصلية في مدينة العيون المغربية، خطوة نوعية تجسد موقفها الثابت في الدفاع عن حقوق المغرب المشروعة وقضاياه العادلة، ووقوفها الدائم إلى جانبه في مختلف المحافل الجهوية والدولية، كما جاء الإعلان عن هذه الخطوة، خلال اتصال هاتفي بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأخيه الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة، الذي أعلم فيه جلالة الملك محمد السادس قرار دولة الإمارات فتح قنصلية عامة في مدينة العيون، بالأقاليم الجنوبية للمملكة،وبذلك تكون هذه الخطوة الهامة بين دولة الإمارات والمملكة المغربيةنتاج ترابط وتأخي يجمع ما بين البلدين الشقيقين من روابط الأخوة والتعاون المشترك.

 

سؤال:في نظركم بروفسور الصديقي ما نوع الاستراتيجيات المغربية الإماراتية المشتركة في معالجة الامن العربي الإقليمي وكيف يمكن تحليلها بناءا على المعطيات الجيوستراتيجية التي تشهدها المنطقة العربية ككل؟

 

جواب: اعتقد أن هناك دعم متبادل بين البلدين في ما يتعلق بالأمن الوطني للدولتين، كما كانت بينهما دائما مشاورات، وتنسيق حول التحديات التي يواجهها الأمن القومي العربي  عموما، فمنذ بداية تأسيس دولة الامارات العربية المتحدة كانت وجهات النظر متقاربة بين قيادتي الدولتين هذا الى جانب تعدد الاحداث العربية التي كانت مواقف الدولتين منها شبه متناغمة بالشكل الذي اعطى انطباعا قويا حول عمق العلاقات الاستراتيجية التي تجمع الدولتين وكمثال على ذلك فقد كانت القضية الفلسطينية عنصرا أساسيا وثابتا في استراتيجيتهما الأمنية في المنطقة العربية، وخلال العقود الأخيرة وبعد ازداد التحيات الأمنية العابرة للحدود وتنوعها لاسيما في العالم العربي كانت الدولتان فاعلين في كل الجهود العربية الجماعية الرامية إلى تحصين الأمن العربي المشترك. ولعل مشاركة المغرب إلى جانب الإمارات وباقي دول الخليج في عاصفة الحزم في اليمن في بداية الأزمة اليمنية يؤكد هذه التنسيق بين البلدين فيما يتعلق بالأمن العربي المشترك. قد تحدث بينهما أحيانا بعض الاختلافات في تقدير المواقف في بعض الأزمات العربية، كما حدث في ليبيا مثلا، لن سرعان ما يتم تجاوز واحتواء تداعياته ولا يؤثر على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

 

سؤال: أمام هذا الزخم المعلوماتي بروفسور الصديقي في تصوركم الخاص ماهي الافاق المستقبلية للعلاقات التي تسير في اطارها الدولتين وذلك على ضوء كل الحيثيات التي تفضلتم بسردها؟

جواب: أعتقد وبحسب وجهة نظري المبنية على قراءة استشرافية لمستقبل العلاقات المغربية الإماراتية أرى أن الدولتان ستعمدان لزيادة تعزيز أواصل التعاون بينهما ففي اعتقادي فكل من المملكة المغربية ودولة الامارات العربية المتحدة تحتاج كل واحدة إلى الأخرى كما كان الأمر دائما، وستتعزز هذه الحاجة في المستقبل نظرا للتطورات التي يشهدها النظام الدولي وأيضا سعي الدولتين لإعادة التموضع في النظام الدولي وفي الأنظمة الإقليمية الفرعية التي توجدان فيها.

ونظرا لأن الصراع بين القوى الكبرى سيحتدم أكثر في المستقبل، وستكون المنطقة العربية إحدى ساحات المواجهة المحتملة بين القوى الكبرى لذلك فإن تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين المغرب والإمارات لاسيما في الجانبين الاقتصادي والعسكري أمر في غاية الأهمية لمصالحهما الحيوية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

error: محتوى خاص