ملف من إنجاز لطيفة نفيل //
الحديث عن العلاقات المغربية الإماراتية حديث متشعب يعود لما قبل تأسيس اتحاد دولة الإمارات العربية، وتحديدا لسنة 1972 في عهدي جلالة الملك الحسن الثاني والشيخ زايد، حيث كان المغرب من أوائل الدول التي دعمت الاتحاد، بما يؤكد بأننا بصدد دراسة ملف مترابط بين دولتين شقيقتين تقومان على تعزيز علاقات التعاون المشترك يوما بعد آخر في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والإعلامية والسياحية والثقافية. فما هي الأسس المركزية التي بنيت عليها علاقات التعاون والأخوة وتوحيد الرؤية بين البلدين؟ وما هي آفاقها المستقبلية وتأثيراتها الدولية؟ ذاك ما سيجيبنا عنه الملف التالي:
المغرب والإمارات تاريخ مشترك
يسجل التاريخ المشترك بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة تضافر جهود كل من جلالة الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه، والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لتعزيز أواصر الأخوة بين الشعبين، بالشكل الذي جعل العلاقة بين الدولتين تأخذ منحى ترابطيا ودعم مشترك، كما اكتسبت مع مرور الوقت مزيدا من القوة والتماسك، وازدادت أواصر الترابط الاستراتيجي بين كل من إرادة جلالة الملك محمد السادس والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بهدف تمثين علاقات الإخوة والتعاون بين البلدين الشقيقين، ومنذ ذلك التاريخ، عرفت العلاقات بين البلدين نوعا من الخصوصية والتماسك الممزوج بالقوة والاستمرارية، تحت رعاية جلالة الملك محمد السادس، ورئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، كما حرص القائدان على تنمية وتعزيز علاقات البلدين الشقيقين، على مختلف الأصعدة، من خلال زيارات مُتبادلة، سواء الرسمي منها أو الشخصي. ناهيك عن اللقاءات والاجتماعات المتتالية لمسؤولي البلدين في مجالات الاقتصاد والسياسة والأمن والعدل والقضاء، وغيرها من المجالات الحيوية، حيث أنشئت اللجنة المشتركة الإماراتية- المغربية بالرباط سنة 1985، وعقدت اللجنة المشتركة دورتها الأولى بأبوظبي سنة 1988، كما انعقدت الدورة الثانية بالرباط سنة 2001 برئاسة الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، بينما انعقدت الدورة الثالثة للجنة المشتركة الإماراتية- المغربية سنة 2004 بأبوظبي.
أما الدورة الرابعة، فقد انعقدت بالدار البيضاء سنة 2006، حيث أخذت العلاقات المشتركة بين البلدين تطورا متواصلا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية والعلمية والسياحية والأمنية والثقافية والقضائية، بما يترجم متانة العلاقات بين البلدين في تطابق وجهات نظر قائدي البلدين تجاه القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، بالشكل الذي جعل المغرب والإمارات يسيران في خط موحد إزاء مختلف القضايا المحلية والدولية، وذلك بفضل التوجهات الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس رفقة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإخوانه حكام الإمارات، والفريق أول محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي.
فمنذ جلوس جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني على عرش المملكة المغربية في مارس 1961، نجح في جعل المغرب قطبا مهما في معادلة المباحثات والاتفاقيات التي تهم العالمين العربي والإسلامي، حيث دعا إلى أكثر من قمة عربية وإسلامية في الرباط، وجالس كبار الحكام العرب الذين كانوا قد وصلوا إلى السلطة في عهد والده جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه.
وفي سنة 1971 تأسست دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان الشيخ زايد، أقوى رجال الاتحاد وأكثرهم تأثيرا، والمؤسس الفعلي لدولة الإمارات العربية، قد وصل لتوه إلى السلطة، وهو ما قوى التقارب بينه وبين جلالة الملك الحسن الثاني، حيث أعلن الشيخ زايد أنه يدعم مواقف جلالة الملك الحسن الثاني، وهو ما شكل ضربة موجعة للأنظمة المعادية للمملكة.
فكان المغرب أول دولة عربية وإسلامية تدعم تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ زايد، حيث كان جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني قد اقترح على الشيخ زايد في أكثر من مناسبة أن يساهم في تأسيس جيش الإمارات وقطاعاتها الأمنية اللازمة لتأسيس الدولة، وهو ما تم بالفعل بإرسال جلالة الملك الحسن الثاني لنخب أمنية رفيعة المستوى، اعتبرت من خيرة خريجي المعاهد العسكرية والأمنية المغربية لتأسيس الإدارات الأمنية للإمارات المتحدة، ساهموا في تأسيس أجهزة الحراسة لحكام الإمارات المشكلة للاتحاد، كما أسسوا أيضا نواة الحرس الرئاسي الذي كان يرافق الشيخ زايد، وهو ما عززه جلالة الملك الحسن الثاني في التسعينيات من القرن الماضي بإرسال أرسال نخبة من خريجي تدريب أمني مكثف لخيرة الأطر المغربية في مجال حراسة ومرافقة الشخصيات، لكي يختار منهم الشيخ زايد حراسه الخاصين كهدية ملكية من جلالة الملك الحسن الثاني للشيخ زايد ظلت ترافقه إلى آخر أيام حياته، حيث كان حرسه الخاص يشرف عليه أمنيون مغاربة مدربون في أرقى المعاهد الأمنية.
التعاون الأمني والعسكري
عرفت العلاقة الإماراتية المغربية، على مر التاريخ تعاونا وتنسيقا في مجال الأمني والاستخباراتي، وهي العلاقات التي أسس لها جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني إلى جانب الشيخ زايد، حيث أُبرم البلدان اتفاقية للتعاون في مجال الأمن سنة 1992 واتفاقية التعاون القضائي في المسائل الجنائية، وتسليم المجرمين وفي المسائل المدنية، والتجارية، والأحوال الشخصية، واتفاقية التعاون العسكري سنة 2006، والتي تنص على أن يجري تفعيل التعاون من خلال الزيارات الرسمية، وعقد الاجتماعات الثنائية، والزيارات الرسمية للأفراد العسكريين والمدنيين، وتبادل الخبرات العسكرية أو المدنية، من خلال إلحاق الأفراد العسكريين والمدنيين، فضلا عن حضور الدورات العسكرية أو المدنية والتدريبات، وكذا المشاركة في الأنشطة الرسمية التي ينظمها البلدان.
كما تشير المعطيات في هذا الاتجاه إلى أن التعاون العسكري والاستخباراتي بين البلدين يهدف إلى المساهمة في نقل التكنولوجيا والمعرفة في مجالات التصنيع العسكري، والفني والصناعة العسكرية والتمارين العسكرية المشتركة والتدريب، كما سبق للمغرب وأن قام ببعث أعداد هامة من الأطر والكوادر الأمنية للأراضي الإماراتية في إطار المساهمة في تكوين جهاز الأمن بإمارة أبو ظبي.
كما تسير العلاقة بين البلدين- بحسب المحللين السياسيين- في تطورا مطردا في السنوات الأخيرة، لما عرفته من تبادل زيارات العمل الرسمية والزيارات الخاصة، إذ تجمع بين البلدين مصالح مشتركة ومتعددة، تسعى في مجملها لاستتباب الأمن في المنطقة العربية، ودعم الجهود الأممية لإيجاد تسويات لبؤر التوتر في منطقة الشرق الأوسط، وهي الزيارات التي تعكس التزام المغرب بواجبات الشراكة الإستراتيجية، نحو دولة الإمارات العربية المتحدة.
أما في المجال الديبلوماسي، فقد وقعت دولة الإمارات مع المغرب، في شهر مارس 2015 اتفاقية ثنائية، وهي عبارة عن مذكرة تفاهم بشأن إنشاء لجنة مشتركة للشؤون القنصلية، وقعها عن الجانب الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، وعن الجانب المغربي، صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون.التوقيع بالقصر الملكي بالدار البيضاء، تحت رئاسة جلالة الملك محمد السادس، والأمير مولاي رشيد، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، على عدد من اتفاقيات التعاون الثنائي في مجالات متنوعة وأهمها اتفاقية للتعاون في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب، وكذا مذكرة تفاهم بشأن إنشاء لجنة مشتركة للشؤون القنصلية، إلى جانب مذكرة تفاهم بين الأكاديمية المغربية للدراسات الدبلوماسية وأكاديمية الإمارات الدبلوماسية.
نوستالجيا مشاركة محمد بن زايد في المسيرة الخضراء
بتنصيب محمد بن زايد رئيسا لدولة الإمارات، خلفا للراحل الشيخ خليفة بن زايد، وعلاقة الصداقة والأخوة التي تجمعه بجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أبانت عن وجه آخر من أوجه امتداد العلاقات الاستراتيجية التي كانت تجمع جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني والشيخ زايد رحمهما الله.
فمحمد بن زايد، فتح عينيه على روابط التآخي التي جمعت بين جلالة الملك الحسن الثاني ووالده الشيخ زايد، ففي سنة 1975، كان سن محمد بن زايد لا يتجاوز 14 سنة فقط، حيث تعرف وقتها على ولي العهد آنذاك الأمير سيدي محمد، بعد أن سجل الشيخ زايد وقتها إعجابه بنموذج المدرسة المولوية التي كان ولي العهد الأمير سيدي محمد يتابع فيها دراسته، فأرسل ابنه محمد بن زايد لكي يصبح بدوره تلميذا في المغرب، بعد أن أنهى وقتها مرحلة الدراسة في مدينتي العين وأبو ظبي، وقد تزامن وقتها وجود محمد بن زايد في المغرب مع انطلاق المسيرة الخضراء، واعتبر بذلك ممثلا لوالده الشيخ زايد، بحكم أن عددا من الدول العربية أرسلت من يمثلها في المسيرة الخضراء، من سفراء ودبلوماسيين وقناصلة وسياسيين أيضا، لكن الشيخ زايد كان الوحيد الذي أرسل ابنه ممثلا له ولبلده في المسيرة الخضراء، وهو ما اعتبر وقتها دليلا على عمق الصداقة التي كانت تجمع جلالة الملك الحسن الثاني بالشيخ زايد.
الإمارات تدعم الوحدة الترابية للمملكة بقنصلية لها بالعيون
تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة لدعم ملف الوحدة الترابية للمملكة المغربية وسيادتها على الأقاليم الجنوبية، منذ انطلاق “المسيرة الخضراء”، التي كان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، أصغر مشارك فيها، في حين تدعم المملكة المغربية أمن الإمارات العربية المتحدة، ووحدتها الترابية، بالدفاع وفي أكثر من مناسبة عن أحقيتها في الجزر التي تحتلها إيران.
وتوالت بعد ذلك المواقف المؤيدة للوحدة الترابية للبلدين، أبلغ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، جلالة الملك محمد السادس خلال اتصال هاتفي، بقرار بلاده “فتح قنصلية عامة بمدينة العيون”، وفق بيان للديوان الملكي، وهو ما تم بالفعل بحيث بادرت الإمارات العربية المتحدة بفتح قنصلية لها بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية،لتكون أول دولة خليجية تفتتح قنصلية بالإقليم، وثالث دولة عربية بعد جيبوتي وجزر القمر، بالشكل الذي جعلها تؤكد ضمنيا استيعابها القوي لمنهجية عمل المغرب الذي يتبنى سياسات خارجية متوازنة ومحايدة تدعم الاستقرار والوساطة الإيجابية.
وفي خطوة هادفة، أعربت الإمارات العربية المتحدة، عن دعمها للتحرك الذي بدأه المغرب في معبر “الكركرات” الحدودي مع موريتانيا لوقف “استفزازات” جبهة “البوليساريو” بالمنطقة، حيث كانت الخارجية الإماراتية، أقد كدت في بيان لها عن “دعم قرار صاحب الجلالة الملك محمد السادس بوضع حد للتوغل غير القانوني بالمنطقة العازلة للكركرات، بهدف تأمين الانسياب الطبيعي للبضائع والأشخاص”، حيث جددت أبو ظبي دعمها “الموصول للمملكة المغربية في كل الإجراءات التي ترتئيها للدفاع عن سلامة وأمن أراضيها ومواطنيها، على اعتبار أن للرباط لها نموذج في التفكير مستقل في قضايا النزاعات وتتبنى سياسات خارجية متوازنة ومحايدة تدعم الاستقرار والوساطة الإيجابية والنزيهة. وبفتح الإمارات قنصلية بالعيون يتأكد أنها استوعبت منهجية المغرب في التمييز بين العلاقات التاريخية والأخوية والاقتصادية وحفاظ الرباط على مواقفها السيادية، وفي ذات الان يقدر المواقف الدولية التي تدعم قضية وحدته الترابية، بما يخدم عمق العلاقات التي تجمع بين البلدين.
وتترجم بالمقابل الخطوة الإماراتية فتح لقنصلية بالعيون كمؤشر على قوة وعمق العلاقات الأخوية والرؤى الموحدة التي تجمع قادة البلدين وشعبيهما، في تعزيزلسياسة الأمر الواقع تجاه هذا الملف من طرف دولة عربية لها وزنها الإقليمي، كما أن لها تأتيرها الإقليمي لتشجيع باقي الدول العربية الشقية والصديقة على اتخاذ ذات المبادرة.
الإمارات تحتل المرتبة الأولى على صعيد الاستثمارات العربية بالمغرب
العلاقات الإماراتية ـ المغربية عرفت شراكات واعدة في مجال الاقتصاد والتجارة، إلى أن أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة تحتل المرتبة الأولى على صعيد الاستثمارات العربية بالمملكة المغربية، ويعود الأمر في ذلك الى تعزيز الاستثمار الإماراتي بالمملكة المغربية، وأهمها استثمارات الشركة المغربية ـ الإماراتية للتنمية، فالسنوات الأخيرة عرفت تدفقا للاستثمارات الإماراتية نحو المغرب، والتي تنفذها أعداد من المؤسسات الكبرى، من بينها صندوق أبوظبي للتنمية، والشركة المغربية ـ الإماراتية للتنمية، وشركة طاقة، وشركة المعبر الدولية للاستثمار.
وتعمل الإمارات العربية المتحدة على تعزيز استثماراتها الكبيرة في الاقتصاد المغربي، وهي تمتد من قطاعات الصناعة والسياحة ومشاريع الطاقة المتجددة إلى مشاريع البنية التحتية في مختلف أنحاء المغرب، إذ ساهم صندوق أبوظبي للتنمية بتمويل 82 مشروعا تنمويا في المملكة بقيمة إجمالية تناهز 2.45 مليار دولار، ما أسهم في دعم وتنمية الموانئ والطرق والمواصلات وتعزيز التنمية الاجتماعية والخدمات التعليمية والرعاية الصحية والإسكان، وهو ما أسفر عنه اتفاق البلدين على إنشاء اللجنة المشتركة المغربية الإماراتية التي ساهمت بدور كبير في تفعيل التعاون بين البلدين، ولاسيما في قطاعات التجارة والاقتصاد والاستثمار، بما جعل دولة الإمارات تحتل المرتبة الأولى من حيث حجم الاستثمارات العربية في المغرب.
ففي إطار الشراكة الاقتصادية بين البلدين، شهدت الأشهر الماضية مباحثات بين كل من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الحكومة، عزيز أخنوش، حول تعزيز سبل التعاون في مجالي الاستثمار والاقتصاد بين البلدين.
ومعلوم أن معرض “إكسبو دبي” يعد من بين أهم المشاريع الاقتصادية الواعدة التي تجمع بين البلدين، رفقة عدد من الدول العربية الشقيقة التي تشارك العالم إسهاماتها وأحدث ابتكاراتها في مجال الحلول المستدامة التي تخدم مستقبل البشرية وتحسن جودة حياة المجتمعات.
وكان عزيز أخنوش، قد أشاد بـ “النجاح الكبير لدولة الإمارات” باعتبارها “مبعث فخر كبير لنا كعرب”. في حين نوه من جانبه وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان الجابر بالعلاقات التي تجمع بين المملكة المغربية، ودولة الإمارات العربية المتحدة معتبرا أن هذه العلاقات “تمضي بثقة وإيجابية وتفاؤل نحو مستقبل يسوده التعاون والشراكة الاستراتيجية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تحت قيادة البلدين”، مضيفا في معرض حديثه أن “أمامنا فرص عديدة لبناء المزيد من الشراكات والتعاون البناء للمساهمة في ترسيخ الاستقرار والنمو والتنمية المستدامة والازدهار في المنطقة وتحقيق مصلحة الشعبين”، على اعتبار أن “الإمارات تهدف إلى تعزيز تعاونها مع المغرب في القطاعات ذات الاهتمام المشترك مثل الطاقة والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المتقدمة، والزراعة، والصناعة، والتجارة، والتعدين، والسياحة، والبنى التحتية، وشدد على أن “الإمارات تحتل المركز الأول بين الدول العربية من حيث حجم الاستثمار الخارجي في المغرب، والذي بلغ أكثر من 20 مليار دولار سنة 2020”.
المغرب حليف استراتيجي قوي
كثيرة هي نقط القوة الاستراتيجية، التي يستثمرها المغرب لصالح علاقاته الأخوية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، فمجمل المعطيات تشير إلى أن دولة الإمارات، إلى جانب باقي دول الخليج، تمكنت من الاستفادة من “الحليف” المغربي على مستويات أساسية عدة أهمها المستوى الاقتصادي، باعتبار المغرب بوابة مجلس التعاون الخليجي تجاه إفريقيا وأوروبا نظرا لموقعه الجيو- استراتيجي، الأمر الذي سيمكن مستقبلا دول الخليج على التوسع اقتصاديًّا في هذه المناطق من خلال الاستفادة من خبرة المغرب وعلاقاته مع الدول الأفريقية، هذا إلى جانب كون المغرب قادر على استثمار تجربته داخليا وخارجيا كنظام ملكي حليف خاص وقادر كذلك على إعطاء نموذج تجربته المبنية على الاستقرار، هذا علاوة على أن المغرب ظل دائما يدافع عن الوحدة الترابية لدولة الإمارات العربية المتحدة دبلوماسيا من أجل استعادته السيادة على الجزر الثلاث المحتلة من طرف إيران، هذا إلى جانب مساندة المغرب الدؤوبة للترشيحات التي تتقدم بها الإمارات على صعيد المنظمات الإقليمية والدولية، كاستضافة المعرض العالمي “إكسبو 2020″، وتصويت المغرب لصالح الإمارات من أجل الحصول على العضوية في مجلس حقوق الإنسان بالشكل الذي يوضح عمق اليات التنسيق الدبلوماسي بين البلدين في ظل استثمار علاقة المغرب القوية مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي خاصة فرنسا، فيما يتعلق ببعض ملفات وقضايا الشرق الأوسط.

الإمارات ضيف شرف الدورة الخامسة عشرة من مؤتمر الطاقة في الرباط
العلاقات الاقتصادية
تحظى العلاقات المغربية- الإماراتية، باهتمام واسع من طرف قيادتي البلدين، سيما على الصعيد الاقتصادي، وتعتبر المملكة المغربية بالنسبة لدولة الإمارات، شريكا استراتيجيا ووجهة رائدة في مجال الاستثمارات، ولعل السنوات الأخيرة تشهد على الحراك الاقتصادي والتجاري بين البلدين الذي تميز بارتفاع حجم التبادل التجاري، وأيضا ارتفاع الاستثمارات الإماراتية في المغرب، بحيث يصدر المغرب إلى دولة الإمارات الحوامض، والملابس الجاهزة، ومصبرات الأسماك، والأحذية، والأثواب، والمنسوجات القطنية، وغيرها، في حين يستورد منها الغاز والبترول ومشتقاتهما، في حين تأتي المعادن في مقدمة الواردات المغربية من الإمارات العربية المتحدة، والتمور، وبالمقابل، يصدر المغرب في اتجاه الإمارات العربية المتحدة، على الخصوص، الملابس الجاهزة، والسيارات الخاصة، والخضر الطازجة.
أما بخصوص الاستثمارات الإماراتية بالمغرب، فقد تم بناء شركة طاقة بالجرف الأصفر التابعة لشركة “طاقة أبو ظبي” محطات إنتاج جديدة للطاقة الكهربائية، وأصبحت الإمارات أول مستثمر في بورصة الدار البيضاء، كما قدمت الإمارات مساهمتها في المنحة الخليجية لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة المغربية، وكذا في رأسمال صندوق “وصال” للتنمية السياحية.
هذا بالإضافة إلى تدشين دولة الإمارات مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بمدينة الدار البيضاء، ومصنع إفريقيا للأسمدة، ومعمل تحلية مياه البحر بالجرف الأصفر بإقليم الجديدة. مع استثمارات ضخمة لصندوق أبو ظبي للتنمية، نيابة عن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، لتمويل مشاريع تنموية بالمغرب، إلى جانب شركتي “دبي القابضة” و”إعمار”.
وكانت بداية العلاقات الإماراتية- المغربية، في عهد الوالدين الراحلين، جلالة الملك الحسن الثاني، والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وذلك مُنذ أن تأسست دولة الإمارات عام 1972، وكان المغرب بقيادة جلالة الملك الحسن الثاني آنذاك، أول الداعمين.
شراكات اجتماعية وإنسانية كبرى
العلاقات الإماراتية- المغربية، لا تنحصر فقط في المجالات الاقتصادية والأمنية والعسكرية التي سبق ذكرها، بل تمتد إلى المجالات الإنسانية والاجتماعية، حيث قدمت الإمارات مساهمات في المجال الاستشفائي من خلال بناء مستشفى الشيخ زايد بالرباط، ومركز الشيخة فاطمة لعلاج النساء مرضى السرطان، ومستشفيات أخرى بالمنطقة الشرقية، والوحدة الطبية المتنقلة لعلاج مرضى العيون.