احتفاءا بالدورة الثلاثين للمهرجان الدولي لفن الفيديو بالدار البيضاء “من شريط الفيديو إلى الذكاء الاصطناعي

لطيفة نفيل // 

 

استعدادا للنسخة الثلاثين من المهرجان الدولي لفن الفيديو نظمت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك الدار البيضاء الندوة الصحفية التقديمية لفعاليات مهرجان جامعي أثبت وجوده ونجاحاته على مدى الثلاثين سنة وهي النسخة التي اختارت إدارة المهرجان لها  شعار ” ثلاثون سنة من فن الفيديو بالغرب : من شريط الفيديو إلى الذكاء الاصطناعي”، وذلك خلال الفترة الممتدة من 7 إلى 11 نونبر المقبل.

 

قال عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك رشيد الحضري، خلال ندوة صحفية عقدت بالعاصمة الاقتصادية، أن هذه الدورة، التي تتزامن مع الذكرى 30 لتأسيس المهرجان، ستظل حريصة على الوفاء للبعد الفني وأيضا البيداغوجي، وذلك من خلال الورشات التي تهدف إلى تنمية المهارات لدى الطلبة، وهو ما من شأنه تسهيل اندماجهم في النسيجين الاقتصادي والاجتماعي، مشيرا إلى أهمية مشاركة طلبة مدارس الفنون بالمغرب والفنانين الشباب في مختلف أنشطة المهرجان على اعتبار أن الورشات التكوينية والماستر كلاس والندوات تمنح الشباب الفرصة للاستفادة من خبرة ومعرفة الباحثين والفنانين المحترفين، مضيفا: “نعتبر مهرجان الفيديو مشروعا ثقافيا طلائعيا ضمن السياسة الثقافية لجامعة الحسن الثاني للدار البيضاء، والتي تهدف إلى نشر الثقافة والفن والإبداع المرتبط بالتكنولوجيا الرقمية والعلوم، ودعم وتشجيع الطلبة والفنانين الشباب العاملين في مختلف هذه التخصصات”.

من جهته، أكد المدير الفني للمهرجان مجيد سداتي، أن المهرجان نجح طيلة العقود الثلاثة الماضية في ترسيخ ثقافة صورة جديدة مختلفة عن تلك السائدة عادة، وهي ثقافة تسعى إلى مساءلة الموروث الثقافي والفني والاجتماعي من خلال نظرة نقدية وتحليلية وذكية، وذلك من أجل تجديده وإثرائه وتعزيزه بشكل أكبر، مضيفا ” لقد نجحنا أيضا في تسليط الضوء على الاتجاهات الفنية الناشئة، وشجعنا الشباب على تجديد الأفكار والأشكال وابتكار أساليب جديدة تتماشى مع روح العصر”، مشيرا إلى أن المهرجان يحرص أيضا على خلق الجسور بين الثقافات والجماليات وإلغاء الحدود بين مختلف التعابير الفنية.

هذا وسيتخلل المهرجان مجموعة من العروض المنفتحة على جميع أشكال الإبداع الرقمي، والتي تمثل الرقص والفنون الرقمية والواقع الافتراضي والمعزز والتنصيبات التفاعلية والعروض السمعية البصرية، ثم المابينغ والروبوتيك، ويقدم هذه الأطباق الفنية فنانو الفيديو والفنون الرقمية يمثلون عدة بلدان من بينها، ألمانيا والأرجنتين وبلجيكا وكندا والإكواتور وإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والسويد وصربيا وبولونيا والتوغو والسنغال وسوريا وتونس.

يشار إلى أن أنشطة هذا المهرجان، ستقام في عدة فضاءات بمدينة الدار البيضاء من بينها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك والمركب الثقافي محمد زفزاف المعاريف والمركب الثقافي مولاي رشيد والمعهد الفرنسي للدار البيضاء والمركز الثقافي الأمريكي ومركز الفنون، مرسم ومعهد سرفانتيس والمدرسة العليا للفنون الجميلة.

ومعلوم أن الدورة الحالية للمهرجان الدولي لفن الفيديو بالدار البيضاء تحتفي هذه السنة بالذكرى الثلاثين لتأسيسه (1993 – 2013). وهي المحطة التي تعتبر فرصة لاستعادة تاريخ هذه التظاهرة والوقوف على مراحل تطورها، وذلك لتقييم المكانة التي تحتلها اليوم في المشهد الفني بشكل عام، ومقاربة القضايا والتساؤلات التي تطرحها في مجال الفن المعاصر بشكل خاص.

سيكون مهرجان هذه السنة مناسبة أيضا للاحتفاء بالذكرى الستين لظهور فن الفيديو منذ سنة 1963 في ألمانيا،وذلك خلال معرض فلوكسوس Fluxus الذي عرف مشاركة الفنان الكوري نام جون بايك والفنان الألمانيفولف فوستيل.

وكما هو الحال مع جميع الابتكارات الفنية، فإن الحصول على الاعتراف ليس نتيجة مضمونة مسبقا، فمنذ بداياته الأولى، كان على هذا الفن المُسْتَحْدَث أن يعمل لاكتساب شرعيته وإيجاد موطئ قدم راسخة له بين الفنون الأخرى، وهذا ما كان يعيه جيدا الفنان بيل فيولا الذي ذهب سنة1974 إلى أنه:”ربما يكون الفيديو هو الشكل الفني الوحيد الذي له تاريخ حتى قبل أن يكون له تاريخ”.

إن الحاجة لبناء تاريخ لهذا الوسيط الحديث، تمليه طبيعته الهشة واللامادية والعابرة، ناهيك عن اعتماده القوي على التكنولوجيا، وحاجته إلى الاعتراف به كمُنجَز فني قائم بذاته،  لقد اختفت بالفعل العديد من أعمال الفيديو التي تم إنتاجها في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وتدهور البعض منها،في حين، لم يعد من الممكن مشاهدة أعمال أخرى بسبب الاختفاء التام من الأسواق للأجهزة الخاصة لتسجيل وبث الفيديو. وبذلك فإنه كلما تلاشى التاريخ الإلكتروني للفيديو، كلما زادت الحاجة إلى تدوين تاريخه.وهذا فعلا ما استطاع تحقيقه نسبيا هذا الفن،إذ نجح في ترسيخ نفسه كشكل فني مبتكر ومناسب، ترك أثره في تاريخ الفن المعاصر. إن فن الفيديو ليس مجرد شكل من أشكال الفن، بل هو حالة ذهنية وفكرية، وطريقة للوجود في العالم، كما قال مخترعه الكوري نام جون بايك.تصادم فن الفيديو على مدى العقد الماضي بتقنيات جديدة وذكية، بدأت تغزو عالم الفن. وقد بدا واضحا أن الفن الناتج عن الذكاء الاصطناعي،أصبح وسيلة يستخدمها الفنانون بشكل متزايد، لإنجاز أعمال جديدة واستكشاف مفاهيم مُحْدثة.فهل تطرح أنماط الإنتاج الجديدة هاته، ضرورة إعادة النظر في الوضع الاعتباري للفنان؟ وهل تحول الفنان إلى مهندس بارع؟ هل نشهد ثورة حقيقية في مفهوم الإبداع الفني المثير للحواس وللمواهب؟ لنتحلَّ بالحذر في جوابنا عن هذه الأسئلة،فمثلها كان قد طُرح كذلك عندما ظهر التصوير الفوتوغرافي والسينما؟إنه بإمكان خوارزميات الذكاء الاصطناعي توليد أفكار جديدة، وإنشاء أشكال فنية خالصة لم يكن من الممكن تصورها من قبل، ولكن هل باستطاعة هذه الآلات الذكية أن تولد شيئا آخر غير استعراض براعتها الجمالية؟ وهل يمكنها مساعدتنا في التفكير في عالم اليوم، أم أنها لا تتعدى تعويدنا على مجرد التعايش معه؟ أليس الفن في المقام الأول، تعبيرًا إنسانيًا معقدًا ومتعددا، يتجاوز مجرد اختراع أشكال جمالية؟ ألا يخاطب الفن قبل كل شيء، العواطف والأحاسيس، والتجارب الشخصية، والسياقات الثقافية، والأفكار الاجتماعية التي تعكس عمق الحالة الإنسانية؟عندما أنشئ المهرجان الدولي لفن الفيديو، كانت هذه الأسئلة قد طرحت من قبل. لقد اعتقد الناس أن فن الفيديو كان نهاية المغامرة الرائعة للخيال الإنساني المتعلق بالتصوير والنحت والشعر والسينما… ولكن تبين أن جميع هذه الممارسات الفنية، التقليدية والمعاصرة، تتعايش هنا وفي أي مكان آخر.السؤال الراهن:هل مازال بإمكاننا الحديث عن فن الفيديو اليوم على الرغم من هذا التطور التكنولوجي؟ والإجابة يقدمها لنا مخترعه نام جون بايك: إن القمر هو أول تلفزيون عرفته البشرية. ونظراً للحالة الراهنة للعالم، فمن حقنا أن نتساءل عما إذا كان القمر قادرا على الصمود أمام الأرض.هذه الأسئلة وغيرها كثير، هو ما سيتم طرحه للنقاش خلال مائدة مستديرة، سيلتئم حولها مجموعة من الفنانين والباحثين المدعوين إلى هذا المهرجان.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

error: محتوى خاص