فريق التقدم والاشتراكية يجدد رفضه وتصديه لمشروع إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر

.

قال نواب فريق التقدم والاشتراكية في المناقشة العامة لمشروع قانون رقم 15.23 بإحداث لجنة مؤقتة  لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر أن هذا المشروع قانون، يأتي في سياق “ما تداولنا فيه من قبل هذه اللجنة الموقرة، بمناسبة طلب فريقنا حول وضعية المجلس الوطني للصحافة، وما يتداوله الرأي العام، حول هذه الوضعية المتأزمة،  وهو المشروع الذي أبت الحكومة إلا أن تفرضه قسرا في تعاطيها مع واقع الانسداد بالمجلس الوطني للصحافة واختارت الجواب عن هذه الوضعية، باللجوء إلى تشريع على المقاس، ويؤكد الواقع اليوم، وبالملموس على الارتباك الحكومي في مجال التشريع عموماً.  فها هي الحكومة، بمنطق الارتجال والعبث، تأتي بهذا مشروع قانون، أمام السيدات والسادة النواب، من أجل إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، تُحدَّدُ مدتها في سنتين كاملتين”.

واعتبر فريق التقدم والاشتراكية أن هذا المشروع شارداً وبعيداً عن الممارسة الديموقراطية التي كرسها دستور 2011. ويعتبر التفافاً حكوميا غير مقبول على ما ينبغي أن يكون عليه المجلس الوطني للصحافة. وهو ما “جعلنا نشك في أن هذه الحكومة تريد صحافة على المقاس، وطبعا استثناء صحافة حرة ومستقلة ومسؤولة وجادة، وتستهدف، بالمقابل، صناعة جوقة للتطبيل والتهليل والتزويق والرداءة التي لن تخدم التطور الديمقراطي والسياسي والحقوقي لبلادنا في شيء، على اعتبار أن التمديد التقني الذي تم تمريره سابقا، لمدة ستة أشهر، لم يكن الهدف منه سوى تصريف الأمور الجارية للمجلس، لكن يبدو أن الحكومة تريد أن تمنح اللجنة عمراً مديداً وصلاحيات تقريرية، وإمكانيةً لتغيير الخريطة وصُنعِ واقع جديد تكون فيه الغلبة للأقلية المرفوضة التي عجزت عن تدبير شؤون المجلس وفشلت في تنظيم انتخاباته”.

وأكد الفريق النيابي أن من غرائب المشروع كذلك أنه يمدد الولاية فقط لرئيسيْ لجنتين، ليتخذا قراراتٍ أساسية تَـــهُمُّ الشأن الصحفي، بشكلٍ شخصي ومنفرد، ضدا على كل القواعد والمعايير الديموقراطية، وأقصى أطرافاً رئيسية من الجسم الصحفي الوطني، وخاطب الفريق النيابي وزير الاتصال قائلا “مشروع قانون اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، هو مبادرة خارج الزمن الدستوري، وفيها إساءة لتاريخ الصحافة المغربية، وفيها مَسْخٌ لهوية المجلس الوطني للصحافة كتنظيم مهني يقوم على قاعدة الانتخاب، وحرية الاختيار، على اعتبار أن اليوم لدينا قانون قائم محدث للمجلس، وهو ساري العمل، إذن هل يمكن لمؤسسة محدثة بموجب قانون، أن تتدخل الحكومة لإقرار لجنة مؤقتة لتسييرها بموجب قانون آخر، وتسائل الفريق النيابي قائلا “ألم يكن متاحا لديكم السيد الوزير ، أن تصدروا مرسوما للجنة المؤقتة دون تقديم هذه المبادرة التشريعية التي ستسيئ من دون شك لتجربتنا الصحفية والإعلامية الوطنية، وكان من المفروض على المجلس الوطني للصحافة، بغض النظر عن تنظيمه للانتخابات أم لا، أن يقدم حصيلته سواء كانت إيجابية أو سلبية بعد نهاية ولايته، وليس الالتفاف على القانون وعلى المهنة برمتها”.

وعبر الفريق النيابي بالقول:” بأننا في فريق التقدم والاشتراكية، نعتبر أنه من المفيد أن يتم تقييم تجربة المجلس، على ضوء النماذج الناجحة في العالم، سواء في صلاحياته ومسطرة عمله، أو في تركيبته وكيفية اختيار أعضائه، من أجل تعزيز أدوار ووظائف الهيآت المؤطرة للمهنيين، بطريقة ديمقراطية، تسمح من جهة، باحترام المنظمات التمثيلية، وتكريس شرعيتها، ومن جهة أخرى، التوافق حول آليات جيدة لضمان النزاهة والشفافية والكفاءة والاختيار”.

واعتبر نواب التقدم والاشتراكية أن المجلس الوطني للصحافة يعيش اليوم أزمة غير مسبوقة، وهي أزمة مصطنعة ومتعمدة قائلا “ورغم ذلك تعاملنا في فريق التقدم والاشتراكية بحسن نية، وتفاعلنا إيجابا وانخرطنا في مبادرة التمديد الأول لانتداب المجلس الوطني للصحافة، بموجب مرسوم بقانون، الذي أتت به الحكومة في أكتوبر 2022، وامتد إلى غاية 4 أبريل 2023، وأضاف الفريق النيابي قائلا :تعاملنا إيجابا مع ذاك المرسوم، على أمل أن تعمل الحكومة على توفير الشروط لينظم المجلس انتخاباته المستقلة، لكن دون أن يحدث ذلك، وانخرطنا كذلك بشكل إيجابي في مقترح قانون تقدم به الفريق المحترم، فريق الأصالة والمعاصرة وبدون الدخول في التفاصيل الأخرى،  وانخرطنا إيجاباً في كل هذه المبادرات، انطلاقاً من الرغبة في أن يتجاوز المجلس الوطني تعثره وجموده، مرت إذن كل الآجالات، ولا انتخابات حُضِّرت أو أُجريت، ولا حكومة تحركت أو اجتهدت في هذا الاتجاه، ولا معايير ومقتضيات دستورية وديموقراطية وأخلاقية احتُرِمت. وتأكدت محاولةُ السطو على قطاع الصحافة والنشر بعد أن بذلت بلادنا مجهودا كبيرا في سبيل تحريره وإقرار تنظيمه الذاتي، وتأكد لنا أن هناك أطراف من الجسم الصحفي، مستفيدة من الوضع الحالي، ومدعومة من بعض الأوساط التي تريد أن تُجهز على استقلالية المجلس، وعلى العمل الصحفي الحر والمستقل، وأن تسيطر على الفضاء الصحفي، ضدا على الدستور والقانون وعلى مكتسبات بلادنا في مجال حرية الرأي والتعبير والتعددية”

وأكد الفريق النيابي أن “المجلس الوطني للصحافة مؤسسة دستورية، من واجب الحكومة أن تحفظ لها رمزيتها وهبتها ومصداقيتها، لا أن تجتهد وتشرع من أجل تبخسيها وتمييعها خدمة لأجندات ذاتية ضيقية، سيرفض، في فريق التقدم والاشتراكية، هذا المشروع قانون المسيء لصورة بلادنا الحقوقية ولحرية الرأي والتعبير وللانتخاب والاختيار، كقاعدة ديمقراطية كونية، على اعتبار أن تحجج الوزير، بعدم قبوله التدخل في المجلس الوطني للحفاظ على استقلاليته، قائلين “ألم تستحضروا هذه الاستقلالية وأنتم تعطون الحق لرئيس الحكومة بتعيين ثلاث أعضاء ضمن تركيبة اللجنة المؤقتة؟ ألم تستحضروا هذه الاستقلالية وأنتم تركزون جميع الاختصاصات في يد لجنتين فقط؟ وبلا أدنى شك، فإن أهمية ومركزية هاتين اللجنتين تجعلهما عمليا متحكمتين في الهيئة الناخبة، إن كانت هناك انتخابات. ووشكك الفريق النيابي في قدرة هذه اللجنة بهذه التركيبة على تنظيم الانتخابات قائلا:  “ألم تستحضروا أن الحكومة هي المسؤولة على وضع السياسة الإعلامية للبلاد، وبالتالي عليها مسؤولية الحفاظ على هذه السياسة وتقييمها؟ علما أننا  لاحظنا ترتيب بلادنا المتقهقر في مؤشر حرية الصحافة، وتصنيفها في ذيل هذا الترتيب. بالرغم من أن قناعتنا، ونحن في ذلك متفقين معكم، أن هذا الترتيب يصدر عن منظمات غير محايدة، وتستهدف بلادنا وفق أجندة العداء للمغرب. لكن نريد أن يكون ذلك حافزا لنا. ويكون خير جواب هو تعميق وتوسيع هوامش حرية الرأي والتعبير والصحافة، دون تردد أو خوف”.

وبذلك فقد عبر الفريق النيابي عن رفضه لهذا المشروع الذي يخرق الفصـل 28 من الدستور الذي ينص على أن: “حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية. وللجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة، وأن تُشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به……..”.

مؤكدين إمكانية لجوئهم ان اقتضى الحال إلى كل الوسائل والآليات التي يكفلها الدستور لرفض هذا المشروع، واعتبارا لذلك فإن ما تبقى من مراحل مناقشة تفاصيل هذا المشروع، يعتبره الفريق النيابي غير ذي موضوع، طالما أن الأمر، في اعتقادهم، فيه تجاوزٌ للدستور، محتفظين لأنفسهم بالحق في التصرف على هذا الأساس، فيما سيلي من المسطرة التشريعية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

error: محتوى خاص