احتضن مقر دار التنمية بمدينة الدروة، إقليم برشيد، أول امس السبت 27 شتنبر 2025 ابتداءً من الساعة الثالثة بعد الزوال، لقاءً تواصليًا حول موضوع:
“الإطار القانوني والتنظيمي لتسهيل مشاركة الجالية المغربية بالخارج في المشهد السياسي والتنموي ببلدهم الأم المغرب، تصويتًا وترشحًا.”
اللقاء، انعقد عن بعد عبر منصات رقمية مثل Google Meet ، يندرج ضمن برنامج “المرأة في قلب الشأن المحلي : برنامج تقوية قدرات المرأة والشباب في أفق مشاركتهما في تدبير الشأن العام بإقليم برشيد”، وهو برنامج يروم تعزيز المشاركة السياسية الدامجة للمرأة، وترسيخ قيم المناصفة كأفق استراتيجي للمغرب.
افتتح اللقاء بكلمة توجيخهية لفاطمة قطبي رئيسة جمعية الخير للاعمال الاجتماعية والتنمية أكدت من خلالها على أن الدساتير الصادرة بالمغرب ومنذ سنة 1962 كانت تنص على المساواة بين الرجل والمرأة في التمتع بالحقوق السياسية، بما فيها الحق في الترشح والانتخاب.

ومن هذا المنطلق كان من المفترض تسجيل حضور قوي للمرأة في المجال السياسي، غير أن الممارسة أفرزت العكس، إذ بقي حضورها ضعيفا جدا ومرد ذلك إلى العديد من العراقيل التي تواجه النساء داخل التنظيمات الحزبية والسياسية، وكذا البنية المجتمعية وأيضا الظروف الاقتصادية.
مع العلم أن المغرب كان من المصادقين على العديد من الاتفاقيات الدولية، ومن بينها تلك الخاصة بالحقوق السياسية للنساء الصادرة سنة 1950، ثم اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة سنة 1993، مما أدى إلى بروز عدة فعاليات نسائية مطالبة برفع تمثيلية النساء داخل قبة البرلمان.
ومع تزايد الاهتمام بقضايا المرأة، وكذلك انخراط المغرب في سلسلة من الإصلاحات السياسية والقانونية، وكذا مع صدور دستور 2011 تم تأكيد تعزيز مكانة المرأة من خلال الفصل 19 الذي نص على أن المرأة والرجل يتمتعان بجميع الحقوق الواردة في الدستور، وكذا في الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وأن الدولة تسعى إلى تحقيق المناصفة، أما الفصل 30 فنص على أن لكل مواطن الحق في التصويت والترشح للانتخابات.
وقبل الانتخابات التشريعية لسنة 2011 تم رفع “الكوطا” النسائية إلى 60 مرشحة من خلال المادة 23 من القانون التنظيمي 27.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب.

حضور أكاديمي نسائي وازن
عرفت الجلسة تأطيرًا أكاديميًا رفيع المستوى، حيث قدمت الدكتورة ليلى الرحيمات، أخصائية في العلاقات الدولية والمجتمع المدني، مداخلة عميقة تناولت الإطار الدولي والتجارب المقارنة لإشراك الجاليات في صنع القرار السياسي، مبرزة أن المغرب يتوفر على قاعدة دستورية متقدمة، لكنه يظل في حاجة إلى تنزيل عملي يواكب تطلعات مغاربة العالم.
من جانبها، ركزت الدكتورة نعيمة أزروال على الإطار القانوني الوطني، مستعرضة نصوص الدستور والقوانين التنظيمية المؤطرة للمشاركة السياسية للجالية، ومشيرة إلى الثغرات التي لا تزال تحول دون تمتعهم بحقوق الترشح والانتخاب بشكل مباشر وفعال.
أما تسيير الجلسة، فقد كان بحنكة من طرف الدكتورة لطيفة نفيل، التي أدارت الحوار ببراعة، وفتحت النقاش على مداخلات متعددة ومتنوعة، مما أضفى على اللقاء بعدًا تفاعليًا غنيًا، حيث أكدت في كلمتها على ضرورة إشراك النساء المهاجرات في الانتخابات المقبلة ترشيحا وتصويتا على اعتبار أن

الفصل 17 من الدستور واضحا، إذ أقر بأن المغاربة المقيمين بالخارج يتمتعون بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشح في الانتخابات، سواء على صعيد الدوائر المحلية أو الوطنية.
وقد كان الخطاب الملكي في 6 نونبر 2005 سباقا إلى التأكيد على ضرورة تمكين مغاربة العالم من تمثيليتهم في مجلس النواب.
وبالتالي فإن إشراك المرأة المهاجرة في الحياة السياسية تقتضيه عدة اعتبارات من أهمها:
-البعد التنموي: تساهم النساء في النهوض بالاقتصاد الوطني من خلال تحويلات العملة الصعبة.
-الدفاع عن المغرب في بلدان المهجر: النساء المهاجرات في طليعة المدافعين عن بلدهن المغرب، لاسيما إذا تعلق الأمر بالدفاع عن الوحدة الترابية، مع العلم أن بلدان المهجر تزخر بكفاءات نسائية أثبتت جدارتها في شتى المجالات.

الإشعاع الحضاري للمغرب: لا تدخر النساء المهاجرات جهدا في التعريف بثقافة المغرب وتلقينها للأبناء الذين يولدون في ديار المهجر.
وبما أنه لا تفصلنا عن الانتخابات التشريعية إلا شهور قليلة، فقد كان الخطاب الملكي السامي لجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمثابة خارطة طريق جديدة لمغرب الغد الذي سيكون مغرب الكفاءات والمناصفة في المجالس المنتخبة المحلية والجهوية والوطنية حيث تاتي الدعوة الملكية السامية لتمكين النساء المغربيات ذوات الكفاءة العالية سواء داخل الوطن او ببلاد المهاجر وهو ما دعانا اليوم لعقد هذا الجمع المبارك بخيرة نساء الوطن داخله وخارجه من أجل تحفيز نساء المرأة المغربية في مختلف بلاد المعمور لإيصال صوتها، وتمكينها من ممارسة حقها في المشاركة السياسية كأحد مكونات المواطنة.

تفاعل واسع من مغاربة العالم
اللقاء لم يكن مقتصرًا على الحضور المحلي، بل اتسع صداه عبر المنصات الرقمية، حيث فاق عدد المتدخلين والمشاركين من مغاربة العالم المئات، موزعين على عدة دول من بينها: ألمانيا، النرويج، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، والأردن.
وقد شكلت هذه المشاركة الواسعة دليلاً على تعطش الجالية المغربية للانخراط في النقاش السياسي الوطني، وحرصها على الدفاع عن حقها الدستوري في التصويت والترشح، والمساهمة الفعلية في التنمية المحلية والوطنية.

المرأة في قلب الرهان الديمقراطي
المداخلات شددت على أن المرأة المغربية، سواء داخل الوطن أو في ديار المهجر، يجب أن تكون في قلب المشهد السياسي، ليس فقط كشريك، بل كفاعل أساسي في أفق تحقيق المناصفة. وقد تم التأكيد على أن إدماج النساء والشباب من الجالية في المؤسسات المنتخبة والمشاريع التنموية يعد ضرورة وطنية، تترجم الرؤية الملكية السامية وتنسجم مع مقتضيات دستور 2011.
آفاق واعدة وتوصيات عملية
خرج اللقاء بخلاصات تؤكد على ضرورة إحداث دوائر انتخابية خاصة بالجالية لتمكينها من الترشح المباشر، وكذا اعتماد آليات مبتكرة للتصويت، كالخدمات الرقمية والبريدية، مع تعزيز أدوار مجلس الجالية المغربية بالخارج وتحويله من هيئة استشارية إلى مؤسسة منتخبة وفاعلة، وبالتالي تشجيع الأحزاب السياسية على الانفتاح على الكفاءات النسائية والشبابية من أبناء الجالية.
Layali Maghribia موقع ليالي مغربية جريدة الكترونية مغربية