نعيمة شمشون: رحلة الكتابة بين هواجس الهوية وسبر أغوار النفس

بدأت نعيمة شمشون مشوارها مع الكتابة في سن مبكرة، حيث خطت أولى قصصها للأطفال خلال سنواتها الخمس الأولى. ومع دخولها مرحلة المراهقة، وجدت ملاذها في نظم الشعر، الذي انسابت أفكاره منها كما تنساب مياه الأنهار في الوديان. وقد ساعدها على تطوير موهبتها شغفها الكبير بالقراءة، حيث كانت تنهي ثلاثة كتب أسبوعيا من مختلف المجالات، بما في ذلك الأدب، العلوم، الفلسفة، والموسوعات الشاملة.

 

لكن زواجها المبكر في عمر الثامنة عشرة وضع حدا لاندفاعها الإبداعي المتقد، مؤجلا طموحاتها الأدبية لفترة.

 

خلال سنة 2022، نشرت نعيمة شمشون كتابها “كوفيد: البراري العقلية تحت الإغلاق”، الذي وصفته بأنه نتيجة تأمل عميق في النفس الإنسانية، وهي الفرصة التي أتاحها وباء كوفيد-19 للكثير من الناس في جميع أنحاء العالم للتأمل في دواخلهم.

 

ورغم الانتهاء من الكتاب، واجهت نعيمة تحديات في نشره، حيث رفضته عدة دور نشر في بريطانيا بسبب القيود الصارمة على المحتوى الأدبي، واستمر ذلك لمدة عام كامل. لكن الأمور تغيرت عندما تلقت اتصالا من مدير إحدى دور النشر في لندن، الذي أثنى على محتوى الكتاب وأبدى رغبته في نشره.

 

الكتابة: مزيج من الألم والفرح

 

تصف نعيمة شمشون عملية الكتابة بأنها مزيج بين الألم، الفرح، الحب، والسياسة. تقول إنها تستسلم في النهاية لذلك الخيط الأول الذي يقود أفكارها، ويدفعها لاستكشاف مواضيع متعددة ومتنوعة.

 

يتناول كتاب “كوفيد: البراري العقلية تحت الإغلاق” قضايا مثل الأمراض النفسية، الهوية الثقافية، والتفاعل بين الثقافات. وقد استعرضت الكاتبة هويتها كأديبة بريطانية من أصول مغربية، مشيرة إلى الصراع الداخلي بين ثقافتي بلدها الأصلي والمجتمع الذي ولدت ونشأت فيه. تقول: “أشعر وكأنني أعيش بين بلدين، أبحث عن جذوري وثقافة وطني الأصلي، وأحاول المزاوجة بينها وبين حضارة بلد الإقامة”.

 

الهوية والحكمة

 

تشير نعيمة إلى أن القضايا المتعلقة بالهوية لا يمكن معالجتها فقط بمنطق العقل، بل تتطلب أيضًا تأملًا عميقًا وفلسفة ورؤية حكيمة لفهم أبعادها.

 

نجاح عالمي برؤية مغربية

 

تعتز نعيمة بإنجازاتها، خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققه كتابها “الشعر الإنجليزي بعقلية مغربية”، الذي أصبح جزءًا من أهم المكتبات في بريطانيا. كما تعبر عن سعادتها برؤية مغاربة آخرين يحققون نجاحات عالمية في مختلف المجالات داخل بريطانيا.

 

السياسة والكيل بمكيالين

 

على صعيد آخر، انتقدت شمشون ازدواجية المعايير التي تنتهجها الدول الكبرى. وأشارت إلى التناقض في التعامل مع النازحين من مناطق النزاع، موضحة أن الاستقبال الحافل للاجئين الأوكرانيين يتناقض مع الإهمال الذي يواجهه الفلسطينيون الذين يعانون من الاحتلال والظلم بدعم من تلك الدول نفسها.

 

الحكمة وليس الشيخوخة

 

سنة 2024، أصدرت مطبعة بوذا أحدث إبداعات نعيمة شمشون، عبارة عن مجموعة شعرية ثقافية تستكشف مواضيع الهوية والنسوية والنزوح والثقافة والأسرة والحب والبحث عن السلام الداخلي، هذه المجموعة الشعرية التي اختارت لها عنوان “الحكمة وليس الشيخوخة”، سبرت من خلالها أغوار تعقيدات الوجود واستكشاف نسيج الحياة، كما ساهمت الكاتبة في الحقل الثقافي بظهورها المتعدد على أثير إذاعة BBC، وعدد كبير من البرامج الإذاعية والبودكاست بمختلف الإذاعات بالمملكة المتحدة، كما أغنت النقاش بعدد من التظاهرات والندوات الثقافية سواء على المستوى الدولي أو ببلدها الأصل المغرب.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

error: محتوى خاص